الرئيسية / القصص الإيماني في الإسلام / أسلوب القصَّة في القرآن الكريم

أسلوب القصَّة في القرآن الكريم

لمَّا كانَ القرآنُ الكريمُ حُجَّةَ الله لنبيِّهِ، ومُعجِزتَهُ الخالدةَ، ودستورَه المُبينَ، ومَصدرَ تشريعِه، كانَ لزاماً عليه أن يَتَّصِفَ بأطيبِ الصِّفاتِ وأصدقِها وأطهَرِها؛ ذلكَ أنَّه كلام الله المُتواتِر بالوحيِ، والمَحفوظ بأمرِهِ إلى يومِ الدِّينِ، وقَد نظَّمَ القرآنُ الكريمُ تعميمَ المعارِفِ والأحكامِ للنَّاسِ بأبدعِ الوسائلِ الإعلاميَّةِ، فحقَّقَ في آياتِهِ الإعجازَ في التِّبيانِ، والصِّدقَ في النَّقلِ، والواقعيَّة في الحوار، كما تميَّزَ القرآنُ الكريمُ بشموليَّتِه وتنوُّعِ استعراضِهِ للأحداثِ والتَّشريعاتِ والأخبارِ، ومواجَهتهِ الصَّريحة للواقِعِ، وتنظيم شؤونِهِ، ونَظم مساراتِه، فكانَ من منهاجِهِ تناولُ الأحداثِ والمُجرَياتِ بأسلوبٍ قصَصِيٍّ مُمنهَجٍ، يعتمد على موضوعيَّةِ طرحِ القصَّةِ، وجَلبِها من التَّاريخِ؛ لِتُعرَضَ بأصلها نقيَّةً من التَّشويهِ والتَّغيير.
وتَشتَملُ آياتُ القرآنِ الكريمِ على ثلاثةِ أنماطٍ من القصص؛ يتمثَّل النَّمطُ الأوَّلُ منها بذكرِ الأنبياءِ، وبَعثِهم، ومُعجِزاتهم، ومواقِف أقوامِهم، وجزاء من آمن معهم أو كَفر، ومثالُ ذلكَ ذكرُ: قصَّةِ يوسُفَ، وهودَ، ويونُسَ، وعيسى ابن مريمَ، وغيرهم من الأنبياءِ عليهم صلواتُ الله وسلامه، ويختصّ النَّمطُ الثَّاني بذكر حوادثِ التَّاريخِ، وما خفِي عن أهلِ الحاضِرِ أو وَصَلَهم مشوَّهاً، مثل ذِكر: قارونَ، وأصحاب الكهفِ، وأصحاب الفيل، وأمَّا النَّمطُ الثَّالثُ فيختصّ بالإشارةِ إلى حوادِثِ بِعثَةِ النَّبيِّ محمَّدٍ عليه الصَّلاة والسَّلام، والظُّروف المُصاحبةِ لها، وتركيبةِ مجتَمعِ البعثةِ، وتأسيس الدَّولةِ، والحروبِ، والغَزواتِ، والاتِّفاقيّاتِ، والمعاهداتِ، والانتصاراتِ، وقصص الأحكامِ، ومُتعلِّقاتِ الدَّعوةِ ومُتطلَّباتها، وسِيَرِ الرَّسولِ والصَّحابةِ، ومُستجدَّاتِ التَّشريعِ والحُدود، ومثلُ ذلك ما وَرَدَ في قِصَّةِ المُجادلةِ، ونقض التَّبنِّي، وأسرى بدر، وحادثة الإسراء والمعراج، وغيرها من قصص الدَّعوةِ النَّبويَّة وسِيَرها.